السبت 27 يوليو 2024
الرئيسية عاجل القائمة البحث

(يا ما بليدة يا خطوة التواريخ، فقيرة الصورة،وباهظة التكاليف!! تتعسنى فكرة إنى حاموت قبل ما أشوف ـ لو حتّى دقيقة ـ رجوع الدم لكل حقيقة.. وموت الموت.. قبل ما تصحى كل الكتب اللى قريت.. والمدن اللى فى أحلامى رأيت.. والأحلام اللى اتمنيت.. والجيل اللى هدانى.. والجيل اللى هديت.. قبل ما املِّس ع الآتى.. وادفن كل بشاعْة الماضى ف بيت!!)

هذه الأبيات من قصيدة "الجزر والمد" للخالد عبدالرحمن الأبنودي، التي حضرت ميلادها واستمتعت منه مباشرة، بسحر كلماتها، وروعة تركيباتها، وعمق أفكارها،

ولذلك لا يمكن أن يشعر أحد بمدى الألم والحزن الذي أصابتي على رحيله، في مثل هذه الأيام من شهر أبريل لعام 2015، لأن قطعة مني ماتت بموته، وحملت إلى العالم الآخر، ليس مني أنا فقط، بل من الذين كانوا على تماس مباشر مع أولاد المغفور له الشيخ محمود عبدالوهاب الأبنودي، ومنهم عبدالرحمن وجلال وكرم.

تفتحت عيوننا على فتى يافع مثل الخرزان، يحمله الشعر في كل الدروب فخرا به.. فهو "قوال ابن قوال"، ويمرح ويسرح في بلد "القوالين"، "فكل قنا شعراء إلا البقالين.. لأن من مساقف لملاقف لقباض الأرواح".

أينما حل عبدالرحمن في قنا فهو ابن المكان، يعرف أهله وتعرفه، يعشقوه ويعشقهم، يجلوه ويخلدهم.. نحن نعرف من بهية شفناها وعشناها وغيرنا استمتع بأغنيتها.

نحن نعرف كل الدروب، ومشيناها وغيرنا رسمها بخياله.

الكاتب مع عبدالرحمن الأبنودي

عبدالرحمن الأبنودي هو أنا، وهو كل أبناء الخالدة قنا.. مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل، بين الفن والفلسفة، بين غاية التعقيد وقمة البساطة، بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدي، بين ثقافة المفكرين وطيبة البسطاء.

تم نسخ الرابط